القاهرة (رويترز) - يتجرع كبار رجال النظام المصري السابق كأس السجون التي كانت من نصيب معارضيهم قبل ثورة 25 يناير كانون الثاني.ويقبع أركان نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك وابناه
في السجن في تصفية حسابات لم يسبق لها مثيل مع الحكومة الشمولية التي أطاحت بها احتجاجات حاشدة.
وكان من المفترض أن ينضم مبارك الذي تخلى على منصبه يوم 11 فبراير شباط الى زمرة المعتقلين المهمين غير أن الحالة الصحية للزعيم السابق البالغ من العمر 82 عاما لم تكن مستقرة.
وقرارات الحبس تحول مدهش في الاحداث بالنسبة للمصريين حتى من أصبحوا يعتادون على رؤية الامور التي كانت غير معقولة تحدث بعد 30 عاما من الشلل السياسي في ظل حكم مبارك الذي حمله المحتجون مسؤولية الفجوة الهائلة بين الفقراء والاغنياء وتفشي الفساد.
وقالت سلمى الشافعي وهي مهندسة تبلغ من العمر 34 عاما انها لم تحلم قط بهذا الامر. وأضافت أن الاطاحة بمبارك كانت جزءا من هذا لكن لا يوجد أحد في مصر تصور لثانية أن النظام القديم بأكمله سينتهي به الحال في السجن.
والعديد من كبار المسؤولين السابقين ورجال الاعمال الكبار الذين اعتقد المصريون لوقت طويل أنهم فوق القانون بسبب سلطاتهم وثرواتهم يقبعون الان خلف أسوار السجن العالية.
وصدرت قرارات بحبسهم جميعا على ذمة تحقيقات تتراوح من الكسب غير المشروع واستغلال السلطة الى قتل المتظاهرين. وكان أكثر من 380 مصريا قد قتلوا في المظاهرات التي طالبت بالاطاحة بمبارك.
واخر الوافدين على سجن مزرعة طرة هما جمال وعلاء مبارك نجلا الرئيس السابق واللذين نقلا يوم الاربعاء من منتجع شرم الشيخ المصري المطل على البحر الاحمر الى السجن. واعتقد البعض أنه كان يتم تجهيز جمال البالغ من العمر 47 عاما وأمين السياسات السابق في الحزب الوطني الحاكم سابقا لخلافة والده في الحكم.
ويقع سجن طرة على مشارف القاهرة ويضم أكبر قسم بالسجون المصرية لجرائم نهب المال العام.
ويقبع في السجن مجرمون ومعتقلون سياسيون اخرون.
وحرص المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية الذي يحكم مصر منذ تخلي مبارك عن منصبه على كسب رضا المحتجين الذين طالبوا بأن يسرع في اقتلاع رؤوس الفساد التي تنتمي لعصر الرئيس السابق.
وصدر قرار بحبس مبارك نفسه لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق في اتهامات بالكسب غير المشروع وقتل المتظاهرين لكنه موجود في الوقت الحالي بمستشفى شرم الشيخ الدولي. وقال التلفزيون الرسمي المصري ان مبارك تلقى أوامر بالمثول أمام محكمة في القاهرة الاسبوع المقبل لاستجوابه.
ووصف مبارك المزاعم الموجهة ضده بأنها أكاذيب.
ولقي تغير الحال ترحيبا بين من سجنوا في طرة أيام مبارك.
وكان بدر محمد بدر عضو جماعة الاخوان المسلمين التي كانت محظورة أيام مبارك وكان يعتقل نشطاؤها دون اتهامات أحد الذين أودعوا سجن مزرعة طرة عندما خاضت زوجته الانتخابات البرلمانية عام 2010 .
ويوجد مع بدر في السجن الان وزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي الذي يلقي باللوم عليه في اصدار أوامر بسجنه.
وقال بدر انه عانى نفسيا وجسديا في السيارة التي نقلته الى طرة. وأضاف أنه شعر بتحسن عندما علم أن العادلي نقل الى السجن في نفس السيارة وأنه عانى بالطبع مثلما عانى هو وغيرهم ممن سبق أن حبسهم.
ويشاهد ضباط في صورة على الانترنت وهم يصطحبون العادلي الى السجن.
ومن بين المعتقلين في طرة صفوت الشريف الامين العام للحزب الوطني وكان ينظر اليه على أنه أحد أقرب مساعدي مبارك وكذلك يقبع في طرة زكريا عزمي الرئيس السابق لديوان رئيس الجمهورية.
ويوجد في طرة أيضا رجل الاعمال الكبير أحمد عز وهو من أقطاب صناعة الحديد والصلب ومسؤول كبير في الحزب الوطني. وألقى المحتجون المصريون باللوم على عز في تزوير الانتخابات البرلمانية عام 2010 والتي حجبت أي تمثيل للمعارضة في مجلس الشعب. وينفي عز الاتهام.
وظهر عز في صور نشرتها صحف وانتشرت على الانترنت وهو يقف بائسا وراء القضبان بعد القاء القبض عليه في فبراير شباط.
كما احتجز في السجن رئيس الوزراء السابق احمد نظيف مع وزيري السياحة والاسكان السابقين.
ووضعت صحيفة (الاهرام ويكلي) المصرية التي تصدر باللغة الانجليزية عنوانا هو "كيف سقط الكبار.." وفي عنوان اخر قالت "رئيس الوزراء الاسبق (أحمد) نظيف يلتقي وزراءه في سجن طرة لاجراء محادثات مهمة."
وذكرت صحيفة الدستور أن فريق الوزراء ورجال الاعمال القابعين في سجن طرة شكلوا فريقا لكرة القدم وممارسة التمرينات الرياضية أثناء ما يعرف في السجن باسم "ساعة التريض."
وأضافت أن الفريق اختار نظيف ليكون حكم المباراة وأن أول حكومة رياضية تشكلت في الساعة الثامنة من صباح يوم الاثنين.
وأصبح طرة مثارا للنكات بين المصريين. وأصبح يوصف السجن بأنه "بورتو طرة" في اشارة الى سلسلة منتجعات فخمة كانت اخر حكومة في عهد مبارك تبنيها وتحمل اسم "بورتو".
ويقول المصريون أن الوزراء والمسؤولين اشتروا فيلات فخمة في منتجعات بينما كانت قطاعات كبيرة من الشعب المصري تكافح من أجل لقمة العيش.
وقالت رجاء محمد (35 عاما) التي تعمل في التسويق ان الطريقة التي تنظر بها الى سيناريو سجن طرة هي أنه أمر مذل للغاية وانه يجعلها تحترم من نزلوا الى الشوارع يوم 25 يناير.